سوريا تخلع ثوب الأسد والشرق الأوسط يترقب التجديد
أحداث متسارعه وتغيرات وتحولات صدمت العالم وأذهلت الجميع تلك التي جرت في سوريا في عدة ايام لم يكن أكبر المتفائلين والمتشائمين يتوقعون حدوثها بهذه السرعه والسلاسة .
نعم سوريا تطوي صفحة نظام الأسد الذي بدأه الأب حافظ الأسد بعد تفرده بالحكم وتفضيله عائلته على حزب البعث الذي ينتمي له وأكمل مسيرته الدكتور بشار الأسد الذي طغى وتجبر وتجاوز والده في التصرفات وتفنن في إذلال الشعب وتجويعه ولكن هيهات أن يذل شعب يحب الحريه ولايرضى بالمذله ويؤمن بالله قبل كل شيء ويعلم أن الخير والشر والغنى والفقر والأمن والخوف بيده سبحانه ، هذا النظام الذي جثم على صدر هذا البلد الجميل الذي روى التاريخ أجمل رواياته على ارضه وترابه ومازالت اثاره باقية إلى يوم الحشر .
فترة سوداء تلطخت بالدماء والتعذيب والتشريد والفساد الذي أثر على صورة ذلك البلد الجميل اكتوى بنارها السوريين واللبنانيين وكل من وقع في ايدي هذا النظام الذي تبين بعد سقوطه أنه لا يصلح لإدارة الحكم في أي بلد ولكنه يصلح لإدارة عصابات الإجرام والتعذيب والمعتقلات التي يصب فيها أشد العذاب على كل من يعارضه ويرفض سلطته وسطوته وظلمه ويغيبه في أماكن منسيه ليواجه مصيره إما بالموت أو الاعدام أو البقاء في السجون لسنوات لا عد لها .
وعلى الرغم من صدمات سقوط المدن بالتوالي من دون اي مقاومة وتبخر المليشيات الايرانية ومقاتلي حزب الله وكل اولئك الذين استحلوا الأراضي السورية وساروا في الطرقات بتغطرس وجبروت وسلموا النظام السوري كل المواقع التي عجز عن السيطرة عليها بعد تنكيلهم وقتلهم لكل من يقف في طريقهم في أبشع مظهر ومنظر طائفي ومتطرف قد تراه عينك وصولا إلى اجتياح العاصمة دمشق والقصور الرئاسية التي سرح ومرح فيها بشار وعائلته وعاشوا فيها لسنين طويله ولم يكونوا يعتقدون أنهم سيتركونها هاربين وخائفين ولن يعودوا لها ابدا إلا أن صدمة اقتحام السجون ومنظر المعتقلين الذين أكملوا سنوات طويلة من عمرهم بداخل تلك المفردات التي لا تستطيع البهائم العيش فيها هي الأكبر حيث اخرجوا من تلك الزنازين كالأموات اجساد نحيله متلونة من كثرة التعذيب والجوع والعطش وعيون غائرة والأدهى والأمر أن هنالك احتمال وجود ابواب سريه تؤدي لزنازين مخبأة تحت الأرض في سجون صيدنايا وحمص والقوة الجوية وغيرها من سجون النظام لم يتم التوصل اليها حتى الان ولا تعرف أماكنها ولذلك اضطر الثوار للبحث عن بعض الضباط الذين عملوا مع النظام البائد في هذه السجون لمعرفة مكان الابواب السرية ومازال الأمل لدى الكثيرين من ذوي المعتقلين في العثور على ابنائهم والالتقاء بهم بعد رحلة الحبس الطويلة التي لم يكن لها أي سبب سوى المطالبة بالحقوق والبحث عن الحرية.
وما يوجع القلب أن الكثير من المعتقلين لم يتم العثور عليهم حتى الان ولم تذكر اسمائهم في كشوفات الاسماء التي عثر عليها وقد يكون النظام قام بإرتكاب مجازر بحقهم وتخلص من جثثهم بدفنها في قبور جماعية وهي عادة لا يتركها نظام البعث وكل من ينتمي له في أي زمان ومكان وورثها بشار من والده الذي اباد في فترة حكمه قرى كاملة وارتكب فضائع لا يمكن نسيانها .
خرجت ايران ومليشياتها وبقت بعض قوات روسيا في قواعدها طرطوس وحميميم ولكن من دون اي دور على الارض وبعض القوات الامريكية متذرعة بأعذار لم يتقبلها السوريين وهي الحفاظ على مكاسب الثورة والحلول دون رجوع داعش ونسي هؤلاء أن الشعب السوري يستطيع حماية نفسه من دون الحاجة إلى امريكا او تركيا او روسيا أو أي بلد اجنبي اخر وكذلك "قسد" او قوات سوريا الديمقراطية التي مازالت تسيطر على مناطق والناس ضاقت ذرعا منها وسمعت اليوم انباء على اصابات في صفوف المدنيين وقتلى اثناء تفريق هذه المليشيات مظاهره سلمية تطالبهم بالرحيل وتطالب قوات رد العدوان كما أطلق عليها الوصول اليهم وتحرير مناطقهم من "قسد" وهذه قد تكون معضله يجب التصرف معها في أسرع وقت .
الفرحة السورية افرحت الجميع ولكن هنالك أمور يجب أن لا تغفل ويجب أن تكون في الحسبان وهي السرعة الكبيرة التي انهار بها جيش النظام الاسدي وهروب الجنود السوريين الذين خلع الكثير منهم بلدته العسكريه وانصهر في صفوف المواطنين حتى لا يتم الوصول إليه فيا ترى هل يمكن ان يقوم هؤلاء وقادتهم العسكريين بأي دور تخريبي مستقبلا يزعزع الأمن في سوريا بعد تشكيل الحكومة الجديدة التي سيتم اقامتها قريبا بإذن الله ؟ وهل الثوار والمسلحين والمليشيات التي سيطرت على مناطق كبيرة في البلاد والتي تختلف في ايدلوجياتها وخططها ونظرتها للأمور ستتوحد تحت لواء واحد من أجل اعادة إعمار البلد من جديد وابعادها عن الفوضى التي تعقب أي انقلاب أو هروب للسلطة الحاكمة في أي بلد؟ وهل احمد الشرع أو الجولاني كما يطلق عليه القادم من جبهة النصرة التي تم تصنيفها كمنظمة ارهابية والذي يعتبر من المطلوبين المهمين للولايات المتحدة على الرغم من تفكير ادارة بايدن برفع اسمه من قائمة المطلوبين قادر على ادارة الامور او ترك من يتم الاتفاق عليه من قبل السوريين على إدارة امور البلد من دون تدخل او ضغط لتحقيق بعض الاجندات والاهداف الخاصه ؟ وهل ما زال الجولاني متأثرا بالفكر المتطرف الذي تشربه في تلك الفترة التي زامل فيها البغدادي ومقاتلي داعش قبل أن يرفض ضم جبهة النصرة لذلك التنظيم وعمل بنفسه بعيدا عن داعش نتمنى أن لا يكون كذلك وخاصة بعد الدعوات التي اطلقها بشأن الحفاظ على اللحمة الوطنية وعدم تبديد المكاسب التي حصلت عليها الثوره والتغيير الملحوظ الذي بدى على أسلوبه في الحديث والتفكير ونرجو أن لا يكون كما قال البعض أنه تم توجيهه للقيام بهذا الدور وخضع لتدريبات لتأدية دوره على أحسن وجه؟ وهنا نقطة لفتت انتباهي وهي الترحيب الذي يحظى به هذا الشخص الذي قد يتصدر الواجهه في سوريا وارجو ان لا يتم نسب الفضل له فقط لأن التحرير وهروب النظام الاسدي لم يكن على يده فقط ولكن بتضافر الجهود مجتمعه وبتدخلات إقليمية أيضا و اتفاقات دارت في الخفاء لا يمكن نسيانها أو التغاضي عنها .
وهل دول مثل روسيا وتركيا وايران والولايات المتحدة الامريكية واسرائيل والدول الطامعة في مكاسب واطماع ستترك السوريين يديرون شؤونهم لوحدهم و يحلون مشاكل بلدهم التي هم اعلم بها من غيرهم ؟ وهل الصهاينة المعتدين بإحتلالهم جبل الشيخ المحاذي للجولان وبعض القرى الحدودية سيقفون دون استغلال الحالة الحاليه لسوريا وخاصة وهم يعتبرونها ممر امداد لحزب الله من داعمهم الايراني ؟ وهل العالم سيقف موقف المتفرج أم ان هنالك من سيدلي بدلوه ويتسبب في زعزعة او استقرار هذا البلد العزيز ؟
وهل ما يجري في سوريا تغطية على جرائم الصهاينة في قطاع غزة والمناطق الفلسطينية التي خفت بريق ما يدور فيها منذ سقوط بشار وهروبه إلى دمشق ولعب الصهاينة لعبتهم القذرة في قصف وتدمير واحتلال الأراضي السورية ؟
وهل بسقوط بشار سنرى تغييرا في المنطقة وهل ستكون تصريحات ترامب قبل فترة رئاسته والوعود التي اطلقها بتغيير الشرق الأوسط سنلمسها قريبا أم انها مجرد تمهيد من هذا المتغطرس المجنون لتوقع أي امر يمكن حصوله وحتى وإن كانت الصدفه صانعته ؟
العديد من الاحتمالات والتساؤلات والمخاوف تلف الاجواء السورية وامتزجت بجو الفرح السائد بسقوط نظام بشار ونتمنى أن توضح الصورة وأن تستقر الاوضاع في كل البلد وأن يجد السوريين ضالتهم في شخص يتم الاتفاق عليه يكون بديلا ناجحا ويخرج سوريا الأبية من فترة الظلم والاستبداد الى فترة العدل والاستقرار والعدل اللهم أبرم لأهل سوريا أمر رشد ووفق مساعيهم وسدد خطاهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا