نبراس المعشني
تمتلئ وسائل الإعلام بالعديد من امتهنوا التحليل في مختلف نواحي الحياة حيث يتناول هؤلاء الأحداث والتطورات من منظور مختلف وفق ما تعلموه وعاصروه واكتسبوه من خبرات وعلى الرغم من العدد الهائل من المحللين إلا أن من يبرز ويتميز منهم لا يتخطى عددهم عدد أصابع اليد الواحدة لأن التحليل وخاصة السياسي يجب أن يبنى على أسس وقواعد صحيحه تجعل المحلل فريدا فيما يقدمه صاحب نظرة مستقبليه للأمور يتميز بمهارة الغوص في تفاصيل الأحداث والربط بين الأفكار لاستحضار النتائج والتوجهات المستقبليه.
وقد برز مؤخرا محلل خليجي او قد أكون أنا من اطلع عليه مؤخرا واعجبت بتحليلاته ونظرته الشموليه الخاليه من التعصب والتمجيد لأشخاص دون غيرهم وتركيزه بشكل كبير على قضايا الأمة وثوابتها التي لا تتغير ولا يمكن إهمالها وتعصبه الجميل والرائع لعروبته ودينه وجعلهم فوق كل اعتبار ومخاطبته لكل من يهمه شأن الأمة من ولاة أمر او من ينوب عنهم من مسؤولين ووزراء إلى الفئة المثقفه من الشعب إلى العامة والبسطاء منه بلغة واسلوب واضحين سهلين يمكن لأي شخص تلقيهما وفهم ما يريد هذا المحلل إيصاله.
ومن عنوان المقال قد تعرفون أني أقصد المحلل العماني الحر علي بن مسعود المعشني هذه الشخصية التي أطلت علينا على قناته او منصته الاعلامية نبراس بكاريزما وحضور جذاب خفيف على القلب وقبول عجيب يجعل المستمع قريب من شخص هذا الرجل وكأنه يعرفه من مدة طويله لأنه بتحليلاته يعطيك دفعات من الأمل ويضع النقاط على الحروف ويتجنب المجاملات ويقرأ أفكار المشاهد والمتابع ويقف على النقاط التي يتخطاها الكثير من المحللين وينصح ويعاتب ويوجه ويرفض أعطاء الدنيه في الدين.
وبما أن الناس أذواق ولهم مشارب واهتمامات مختلفه فكذلك هو الحال مع المعشني فهو يحظي بمحبة كبيره عدد كبير من المتابعين في مختلف الدول العربية ويحظي ايضا بكراهيه من فئه كبيره من المتابعين فالمحبين يرونه مثلا جميلا للمحل السياسي الغيور على أمته الذي يتناول القضايا بحيادية من دون الميل لأي طرف من الاطراف على حساب الامة والفئه الاخرى تعتبره صاحب ايدولوجيات وتوجهات خاصة لأنه يتحدث عن الكثير من الأنظمة والدول ويمجد اعمالها وتصرفاتها التي ينتقدها الكثيرين لأنه يرى من منظور ومختلف ويتبع سياسة بلده الأم عمان التي يعتبر هذا منهجها وطريقتها في التعامل مع الاخوة والاصدقاء والاعداء .
المشعني اتفقت مع تحليلاته أم لم تتفق فإنك ستجد ما تبحث عنه في ما يقدمه من تحليل من دون تعصب لدولة على حساب اخرى ولكن ما يعاب عليه وهذا أمر لاحظته كثيرا في برامجه وهو جلد الذات المتكرر الذي يقوم به وخاصة لأمتنا والدول الكبرى فيها او الشعوب في بعض الاحيان وقد يكون هذا الجلد من أجل استنهاض الهمم ولكنه قد يؤثر سلبا على شعبيته بحكم العاطفة التي تعتري اغلب العرب والمسلمين والضغوطات الداخلية التي نعيشها جميعا حتى ولو ابدينا غير ذلك والملاحظة الاخرى التي قد يلاحظها المستمع او المتابع هو مدحه لأنظمة تعتبر بالنسبه لأغلب العرب عدوه ولها ايدولوجيات توسعيه قذره تضر بأمتنا وتفكك دولها وأهمها هي الجمهورية الايرانيه ووكلائها في اليمن ولبنان والعراق فكثيرا ما يقوم المعشني بذكر السيد حسن نصر الله كما يحب ان يناديه والسيد عبدالملك الحوثي ومسؤولي حزب الله العراقي ايضا ويمجد اعمالهم وعملياتهم التي يقومون بها وأنا متأكد أنهم قاموا بالكثير من المجازر والتجاوزات في حق ابناء وطنهم وأشقائهم في الإسلام والعروبة في باقي الدول .
وعند تطرقه الى ما يجري في غزة تتمتع بتحليله للعقليه الصهيونيه وما ترمي اليه ويغوص في أعماق تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي ويقلب دفاتر التاريخ لاستخراج أجود واجمل ما يستحق النشر للمتابعين بأسلوب عميق فيه الكثير من التفصيل والتعاطف مع الأمة والعروبة ويعجبني في حديثه عن الفلسطينين تطرقه الى الخلافات الداخليه بين اكبر حركتين في الاراضي المحتله فتح وحماس ووضعه للحلول المناسبه من أجل ردم الهوه التي تولدت بين هذين الكيانين المؤثرين في المشهد الفلسطيني ويركز المشعني في حديثه على الأهمية المسجد الأقصى والقدس ويربط بينها وبين ما يتحدث عنه الصهاينه في تلمودهم من اباطيل واساطير والقليل من الحقائق التاريخيه وحتى في انتقائه لضيوفه فإنه يستضيف اشخاص مختصين ومطلعين في المواضيع التي يريد نقاشها .
وأما صراحته وانتقاده لدول الخليج التي هو أحد ابنائها المخلصين فهو انتقاد بناء ومطلوب لأنه خالي من المجاملات والتطبيل وفيه وضع النقاط على الحروف في كل ما يتعلق بدول الخليج العربي الغنيه التي تعتبر مطمع من الأعداء والاصدقاء على الرغم من التطور الكبير والتأثير الواضح الذي تقوم به دولها وخاصة المملكة العربية السعودية والكويت والامارات وقطر في ما يجري من أحداث في العالم إلا أن المعشني ينتقد ذلك ويدعو إلى الامور التي تحفظ تلك الدول وتقويها وتجعلها مستقله بشكل اكبر ويرفض المشعني الشعارات التي ترفعها كل دوله كما يرفض التنافس القائم بين الأخوة وخاصة في السياسة لأنه يعتقد أن سياسة تلك الدول يجب أن تكون واحدة فيها رص للصف واللحمة وابتعاد عن التنافس وتكوين علاقات ضارة غير نافعه وحارب المشعني التطبيع العربي الاسرائيلي وهاجم الدول التي قامت به ومازال يهاجمها .
وحتى وان كان نقده لاذعا بعض الشيء ولكن من يستمع له يشعر أن هذا النقد ليس لمجرد النقد فقط بل هو من أجل البناء والتعديل والتصحيح وهو من باب الخوف والحرص على المصلحة العامة لأنه يركز على الكثير من الأمور التي يتم تجنبها من ولاة الامر والرؤساء وحتى العلماء الربانيين الذين تقع على عاتقهم مسؤولية التوعيه والارشاد حتى ولو لم يخوضوا في التفاصيل الدقيقه المتعلقه بالسياسه .
وللثقافه والاطلاع دور كبير في صقل شخصية المعشني فهو انسان مطلع وقارئ نهم وكاتب وراوي والجميل في شخصيته هو بحثه عن المعلومة بنفسه من خلال السفر والترحال الشخصي وزيارة المناطق الملتهبه كاليمن وغيرها من دول العالم ومن خلال ظهوره على وسائل الاعلام تجد هذا الرجل ثابت الرؤية وثابت الافكار يتحدث بثقه في أمور يعرف خباياها ويحللها بطريقته العميقه المعتاده ولا يركز على الأمور الظاهرة فقط وهو متفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي في كل حساباته وقناة نبراس على اليوتيوب هي القناة الرسمية التي يطل منها اسبوعيا وينثر درره وتحليلاته العقلانيه .
الكاريزما والقبول الذي يحمله على المعشني شكلا له شخصية فريدة من نوعها حتى وان ظهرت عليه نزعة او ميول لتيار أو أفكار وتوجهات ما لكن الأهداف التي وضعها والافكار التي يناقشها ويسعى الى تطبيقها هي من تشفع له وتعتبر تصريح عبور له إلى قلوب المتابعين وكل من يستمع له ولمثل هؤلاء المحللين وصناع المحتوى نحن في أمس الحاجة لأن بهم تنتشر الثقافات الصحيحه ويصبح الاهتمام بالأخوة في الدين والعروبة هي الطاغية وبمثلهم نعرف ما يدور حولنا ومالذي حدث لأمتنا التي تمرض ولا تموت ويجب أن تعود في يوم من الأيام إلى مجدها وعزها وهذا هو الهدف الأساسي المنشود فشكرا جزيلا للمعشني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا