تفشي الظلم في بلاد العدالة
اثناء متابعتي لنشرات الاخبار العالميه والعربيه وقراتي للصحف الورقية وخاصة صفحات الحوادث المحلية وتنقلي بين مواقع التواصل الاجتماعي التي تأتينا بكل غث وسمين من كل بقاع العالم لاحظت ازديادا في معدل الجرائم والقضايا المقلقة على مستوى العالم بأسره وقد نعزو ذلك إلى الاجواء المشحونة التي يمر بها العالم والصراعات والنزاعات التي كوت بنيرانها أغلب الدول وما يأتي معها من خراب ودمار وخسائر ماديه ومعنوية وبشرية وتردي في الأوضاع الاقتصادية التي تنعكس سلبا على الجميع، وعندما ركزت على أمتنا العربية والإسلامية وتابعت الأخبار ووسائل الأعلام المنوعه وتواصلت مع عدد من اصدقائي في اكثر من دولة عربية ومسلمه اتضح لي ان اغلب الجرائم التي تحدث في مجتمعاتنا تجمع بينها اشياء مشتركة لا توجد في غيرها من مجتمعات غير عربية اوغير مسلمة وطبعا لاننسى اخواننا المضطهدين في فلسطين وباقي الدول من صالح دعائنا في الشهر الفضيل.
وبالعودة إلى بلادنا العربية والمسلمة والبحث عن الأسباب التي تقود إلى الجرائم ستبرز لنا العديد من الاسباب ومن أهمها سببين وهما المال وكل ما يتعلق به ابتداءا من الفقر و سوء توزيع الثروات في كل دولنا العربية والإسلامية واحتكارها واقتصارها على فئه معينة والشحن الذي ينتج من ذلك الى دافع الحاجة والعوز لضمان لقمة العيش اللذان يترتبان عنه إلى الرغبة في الازدياد منه وعدم القناعة وصولا الى اشباع غريزة موجودة وارضاء لنفس لا تشبع الا بالنصب والاحتيال على الغير بالكسب الغير المشروع والسبب الثاني هو انعدام العدالة والاحساس بالظلم لدى الكثيرين من أبناء الشعب بسبب الانحياز الموجود لدى البعض من أصحاب القرار ومن ولو مقاليد الحكم حكاما كانوا او قضاة او من بيده سلطة بالاضافة الى استخدام النفوذ والمعارف للوصول والاستيلاء ظلما على حقوق وأملاك الكثير وأكلها من دون خوف من الله او وازع ديني .
وأريد التركيز بشكل خاص على السبب الثاني الذي ازداد كثيرا في بلادنا المسلمه ونظرا لأهميته العاليه فقد حظي بالنصيب الأكبر من الضحايا والمتضررين وتسبب في تدمير دول ومجتمعات ومازال مستمرا في اسقاط كل ما يصل إليه وقد يراني البعض ابالغ في الوصف ولكن هذه هي الحقيقه التي قد يجهلها الكثيرين أو يتجاهلونها فالظلم وعدم الانصاف له أثار قاتلة لا يستطيع أحد توقعها .
وللأسف الشديد فبلداننا العربية والمسلمة والتي يفترض أن تكون أقل البلدان ظلما وتعسفا في الحكم أصبحت مضربا للمثل في سوء استخدام السلطة والقوانين وأصبحت أغلب شعوبها مضطهدة إن لم تكن بالتعسف في التعامل والتعذيب وأكل الحقوق فستكون بالفقر والفاقه نتيجة عدم الإنصاف في كل شؤون الحياة ومن يفكر في البوح والتمرد على الواقع سيجد السهام والسيوف مسلطه عليهم من كل حدب وصوب وهذا ظلم أخر وهو ظلم مصادرة الرأي وإغلاق الأفواه ونسي هؤلاء المسؤولين ومن ولو شؤون الناس أنهم محاسبون وسيعرضون على الواحد الديان في يوم العرض لوحدهم ومن دون حراسهم وقوتهم وسلطتهم وسيسألون عمن ظلموهم ومن تركوهم للفقر وهم في دولة غنية يستطيع ولي أمرهم أن يغير حالهم من الفقر إلى الحياة الكريمة التي يجب أن يعيشها كل إنسان ولا نقصد بالحياة الكريمة هنا الغنى الفاحش ولكن ما نقصده هنا هو الحقوق التي يجب أن يأخذها كل مواطن في بلده والتي يجب على ولي الأمر ومن ينوب عنه أن يوفروها لهم .
وسيأتي من يسوقون الأعذار لولاة الأمر وسيقولون أن ولاة الأمر يقومون بكل ما يستطيعونه ولكن بسبب المسؤوليه الكبيره التي ولوها وبسبب تزايد أعداد ابناء الشعب وقلة الموارد المتوفرة يصعب توفير كل متطلباتهم وخاصة إن كان هذا البلد مديونا بسبب اقتراضه المال من غيره من أجل التعمير والعمران واقامة مشاريع تدر بالملايين على خزينته والتي سيخصص جزء منها من اجل الشعب وتحسين مستوى الحياة التي يعيشونها وفيما يتعلق بالعدالة والحكم فالقوانين التي يستخدمها القضاه ومن ثم يمثلون دور القضاء هي قوانين مستمدة من الإسلام وليست قوانين مؤلفه ومن يقوم عليها أناس يخافون الله ويضعون خشيته أمامهم ويحاولون قدر المستطاع تحكيم العدل والإنصاف وعدم ظلم أي شخص يصل إليهم والانسان بطبيعته يحب أن يكون هو المنتصر وصاحب الحق حتى وان كان مخطئا والتهم ثابتة عليه.
وسنرد على هؤلاء واعذارهم متوكلين على الله وسنقول أولا : لما لا يتم الاستثمار في البشر قبل المشاريع وغيرها من الأمور فالشعب هو الخط الأول والحصن المنيع للوطن وهو من سيحرك كل العجلات التي يحتاجها الوطن مثل عجلة الاقتصاد وعجلة الازدهار والاستثمار والنمو وكل ما من شأنه الارتقاء بهذا البلد وجعله في مصاف الدول المتقدمة ولنا في التاريخ القديم والمعاصر عبر فكم من شعوب انتفضت وغيرت واقعها وبدلته اما للأحسن إن كان تحركها بني على حق وكان بطريقة صحيحه وأهداف سامية للوطن لأنفسهم وكرامتهم وللأسوى ان كان هذا التحرك بنى على باطل وتبع شعارات حملها اعداء الوطن والساعين إلى للإطاحة به، وها نحن نرى أن فئات الشعب المختلفه وخاصة من وصلوا إلى سن العطاء والبذل أو من أجبرتهم الظروف على البذل والعطاء قبل الوصول للسن المذكور بالإضافة إلى هممهم العاليه يقومون بأدوار جبارة في بلدانهم وخارجها ليس في هذا الزمان الذي نعيشه فقط بل حتى في الأزمنة الغابرة فكيف لو حظي هؤلاء بإهتمام أكبر ورعاية مستحقه من ولاة الأمر وسخرت من أجلهم كل الموارد من أجل التعليم والتثقيف والتدريب على الحرف والمهن المختلفة فهل ستحتاج دولنا حينها الى قوى عامله ومحركة لعجله الحياه من الخارج ؟ وهل سنحتاج الى استيراد علماء ومطورين ونحن نخرج العديد من العلماء من أبناء جلدتنا ؟ وهل سنشكك بقدراتنا وامكانياتنا في ظل وجود دعم كبير واهتمام محفز ؟ وهل سنكون الدماء حينها لا رأي لنا ولا قرار إلى بعد الحصول على الموافقة والتصريح من هذه الدولة وتلك؟ بكل تأكيد سيكون الجواب ((لا)) .
وفيما يتعلق بازدياد والشعوب وقلة الموارد فهذا ما يفترض أن يتمناه ولاة الامر فكترة سواد المسلمين أمر مطلوب وواجب وقد حثنا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وجاء ذلك في الحديث الشريف حيث جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، فقالَ : إنِّي أصَبتُ امرأةً ذاتَ حسبٍ وجمالٍ ، وإنَّها لا تلِدُ ، أفأتزوَّجُها ، قالَ : لا ثمَّ أتاهُ الثَّانيةَ فنَهاهُ ، ثمَّ أتاهُ الثَّالثةَ ، فقالَ : تزوَّجوا الوَدودَ الولودَ فإنِّي مُكاثرٌ بِكُمُ الأُممَ ، نعم هذا أمر نبوي فيه ما فيه من الحكمة والرؤية المستقبليه ممن لا يقول إلا حقا وصدقا صلوات ربي وسلامة عليه وبشأن الرزق وقلة الموارد ومايقال من ترهات فهي أمور تكفل الله بها ويجب أن لا يشغل ابن ادم باله بها فالله له كل شيء في هذا الكون وهو يقدر الارزاق ويقسمها بين عباده وعليهم فلما التفكير بالرزق وهو بيد الله تعالى كل ما عليكم يا ولاة امرنا ويا مسؤولين هو بذل الاسباب والانصاف اعيد واكرر الانصاف وعدم تفضيل فئه وطبقة من الناس على غيرهم ومعاملة الجميع بسواسية مع التقدير لمن يستحق التقدير وكلنا ذلك الشخص وإياكم والتفضيل والمحاباة والتقريب لمجموعه دون غيرها من البشر وتمييزها عن الغير حتى لا تحل لعنة الظلم عليكم فهي لعنة مميته ومزيلة للعروش ومع الإنصاف وإعطاء الحقوق بالتساوي ستجد ان موارد الوطن تكفى للجميع ولن يبقى فقير كما كان هذا الأمر في زمان العدل والإنصاف السابقة.
ثانيا : فيما يتعلق بالقضاء والقضاة وهو أمر يتجنب الكثيرين الحديث عنه لأسباب كثيرة وأهمها هو ربط القضاء بولاة الأمر وان التشكيك في التشريعات والأنظمة والقضائية هو تشكيك في نزاهة ولي الأمر وعدله وهذا بكل تأكيد تفسير وربط خاطئ فولي الأمر او المشرع حين استخرج القانون من الدين الحنيف لأنه المرجع الأول وكتاب الله هو الدستور الذي سار عليه لم يشرعه من أجل الظلم وانتهاك حقوق الناس ولذلك انتقى من يقومون على تطبيقه بعنايه ووضح الصلاحيات التي لديهم وفق أسس وضوابط ولم تكن مطلقه ولهذا تجد أن هنالك خيار متوفر لكل شخص للاعتراض عن الاحكام التي توضع عليه وان تم رفض اعتراضه يستطيع الاعتراض مرة اخرى وطبعا في النهاية سيضطر إلى اللجوء الى قاضي السماء في حال لم يتم انصافه من قضاة الأرض ومن أريد قوله في هذه النقطة أن القضاء في أغلب بلداننا العربية يمر بأزمة كبيره تحتاج إلى وقفة جادة جدا فيها صرامة ومصارحة ورغبة حقيقة في التغيير فالقضاء والعدل هو أخر ما بقي من القصور التي لم تدك في بلداننا وللأسف هذه القصور بدأت بالتصدع وقد تهوي فوق رؤوسنا إن لم نقم بصيانتها بشكل سريع والعناية بها بطريقة تطيل من عمرها ونحن لا نبالغ حينما نصف الوضع الحالي في دور القضاء والظلم الذي يقع في جلها على الناس وماهذا الضييق من واقع القضاء إلا دليل على أن هنالك أمور خاطئه وتحتاج الى تعديل وقد يقول البعض أن هنالك ناس لا تعجبهم الحقيقة وإن كانوا هم المذنبيين فإنهم يرفضون ان يقتص منهم ونحن بكل تأكيد لا نتحدث عن هؤلاء ولكننا نتحدث عمن يبدو الظلم عليه واقعا بشكل واضح وهم كثير في عالمنا الاسلامي ولست في معرض التفصيل فيهم لأنهم معروفين لدى اغلبنا ولابد أن تصادف منهم الكثيرين في بلدك او في أي بلد مسلم ومن ينصفهم أو يظلمهم بحكمه هي تلك الدور التي يفترض أنها بنيت على العدل .
وللعلم فإن الاهتمام بالقضاء ومحاولة تقوية العدل في أحكامه وتشريعاته لن يثمر إلا خير ولا أدري لماذ١ يكره البعض هذا الخير الذي سيأتي بتأثيره الجميل على كل نواحي الحياه في بلداننا فهل هؤلاء يقتاتون على الظلم ومن ينتج عنه من ضياع الحقوق ويتغذون على المشاحنات بين أفراد المجتمع وارتفاع معدلات أكل الحقوق فيما بينهم ؟ ! لهؤلاء نقول تخيلوا معي أن تعيشوا في بلدان فيها قضاه لا يشكك بنزاهتهم يقضون بشكل سليم لا فيه محاباه لشخص على أخر ولا فيه خوف من نفوذ شخص او معارفه أو خوف من صاحب اللسان السليط ومن يتلاعب بالكلمات ومن يستطيع توكيل محامي لديه مالديه من الحيل والمعرفة بخبايا ونقاط ضعف القوانين الوضعيه التي نتعامل بها ولديهم خوف من الله فقط ورغبة صادقه في احقاق الحق وترجيح كفة العدل على أي كفة أخرى بالله عليكم كيف سيكون الوضع حينها ؟ هل سنشهد هذه الاعتراضات على القضاء ؟ وهل سيخاف أهل هذه الضحيه أو ذلك القتيل من المطالبة بالحقوق ؟ وهل سيتجرأ تجار أكل الحقوق بالقيام بأي تصرف ؟ وهل سينجو من قام بالقتل والسرقه والاختلاس وتضييع الحقوق من فعلته من دون محاسبه كما هو يحدث الان ؟ وهل سيعيش الناس في خوف وهلع عند وصول مظالمهم ومطالباتهم إلى دور القضاء ؟ بكل تأكيد لا ولكن ما نعيشه في زماننا هذا فيه تصديق كبير لما ذكره الحبيب المصطفى في حديثه عن القضاء وأهله حين قال صلى الله عليه وسلم عن القضاة : (( (القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار)).
ويجب على من له صلة بالقضاء أن يفيق من غفلته ويعرف مدى حجم أهمية دوره في هذه الحياه وما الذي يترتب على أحكامه التي وللأسف في كثير منها تبنى على أمور بعيدة كل البعد عن مكنونات الواقع إما بسبب حجج المحاميين وشطارتهم في اصطياد الثغرات القانونية واستغلالها أفضل استغلال أو بسبب عدم توفيق القضاة في الحكم كما يجب عليهم أن يدركوا أنهم بشر وفكرة أني لا اترك منصبي حتى استنزف كل قدراتي العقليه والبدنية أو حتى اقتنع من داخلي بأن وقت الراحة قد حان فهي فكرة خاطئه جدا وللأسف الشديد كثير من القضاة وصلوا لسن لا يستطيعون فيه قراءة اوراق القضايا بسبب ضعف البصر ولا يستطيعون اصدار الأحكام إلا بمساعدة أو بناءا على أحكام سابقة قد تكون هي ايضا خاطئه وفيها الكثير من الظلم بسبب التقدم في العمر والتزاماته وتأثير اته وفيما يتعلق بهذه النقطة رأيت الكثير من القضاة اسأل الله ان يمدهم بالصحة والعافيه وأن يحرم وجوههم على النار أصبحوا مع مرور الزمن وتقدمهم في العمر مخلتفين عما كانوا عليه في السابق فقد خف شغفهم بالمهنة وأصبح طول البال الذي كان لديهم قصيرا جدا ولم تعد لديهم القدره على الاستماع إلى شكاوى الناس ودعواتهم بشكل يعطي كل ذي حق حقه في طرح مالديه وهذا أمر خطير جدا به يقع الظلم وتزداد الخلافات .
موضوع العداله وما يرتبط بها من ولاة الأمر و المحاكم والقضاه والمحاميين والقضايا موضوع مهم وخطير جدا لا يجب إهماله او التساهل فيه لأن كما يقال العدل أساس الملك فمن اعتنى بالعدل والانصاف وسعى للعداله ستبقى ذكراه واثره طويلا حتى وان فارق الحياه واما من أهمل العدل ولم ينصف الناس ولم يسعى لذلك ستجد الناس تبتهج عن تعرضه لأي ابتلاء بل سيعتبرون أن ما أصابه عقوبه إلهيه بسبب دعائهم المستمر عليه وبسبب ظلمه لهم وتطاوله عليهم وسيتمنون زواله وزوال حكمه وزوال كل من لهم علاقه به .
وهذا نداء لكل عاقل يريد أن لا يتعرض للمحاسبه الإلهيه في الدنيا قبل الأخره راجع نفسك إن كان في يدك حكم وسلطة وتحت يدك مجموعة من البشر ينتظرون منك الانصاف والعدل وانت تعطيهم عكس ذلك ولديك أشخاص مقربين منك لهم سلطة لايستخدمونها كما يجب أن تستخدم لأن هنالك حساب ينتظر وجنة عرضها السموات والارض متلهفه للساعين لها بكل شوق ونار تستعر وتمتاز غيظا أبوابها ستفتح بعد انتهاء الشهر الفضيل وهي تتسع لكل من طغى و ظلم واعتدى على عباد الله ولم يتراجع عن ظلمة واعتدائه نسأل الله أن يرحمنا جميعا برحمته وأن يغفر لنا في شهره الفضيل وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول ويتبعون أحسنه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا