مشاهد من الحرم
وفقني الله تعالى لزيارة بيته الحرام مرة أخرى وزيارة مدينة خاتم المرسلين طيبه الطيبه وكانت الروح تهفو وتشتاق لذلك المكان الجميل الذي تحيطه الاجواء الايمانية وتنتشر فيه نسائم الذكريات العطرة لذلك العصر الرائع الذي لم يظهر كمثيله عصر فالحمدلله رب العالمين .
في زيارتي للمملكة العربية السعودية وبعد غياب طويل عنها عدى العشر سنوات تفاجأت بحجم التوسعه والتطوير لبيت الله الحرام ومدى الاهتمام الكبير الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والقائمين على خدمة المقدسات الاسلامية وما يتبعها من مناطق وأماكن ولاحظت الجهود الجبارة التي تبذلها المملكة منذ استلمت رعاية وخدمة الحرمين إلى تاريخنا الحالي فكل الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية قيادة وشعبا .
وبعد كلمة الحق التي تستحقها قيادة المملكة ومسوؤلي رعاية المقدسات لا بد أن اتحدث عن بعض الأمور التي ازعجتني في الزيارة الأخيرة والتي لن تؤثر على جهود المملكة التي ذكرناها سابقا ولكنها قد تعطي المتصيدين فرصة للتشفي من المملكة ومهاجمتها وهم ومن دون تلك الأمور مستمرين في الهجوم والقدح والذم وقصدي من طرحها هو ايصال رساله وانا كلي ثقه أن هنالك من يتابع ويهتم بكل صغيره وكبيره تخص قبلة المسلمين وبيت الله الحرام .
بعض الأمور المزعجه التي رأيتها هو الشده في التعامل مع بعض المعتمرين او الزوار من قبل رجال الأمن وهذا الأمر وللأسف الشديد لاحظته أكثر من مره وخاصه مع المعتمرين الذين حضروا من بلدان غير عربيه في قاره اسيا وافريقيا حيث يقوم هؤلاء البسطاء ببعض التصرفات والسلوكيات الغير مقبوله كالصلاه في اماكن مرور المعتمرين أو تبركهم ببعض الأماكن في المسجد الحرام او قيامهم بعض الممارسات التي يعتقدون أنها صحيحه وهي عكس ذلك ولا تجوز ولكن بسبب جهلهم وعدم وجود معلومات كافيه لديهم حول ما يجوز وما لا يجوز فعله في بيت الله الحرام تبدر منهم مثل تلك التصرفات ولكن هذا الأمر لا يستدعي ردة العفل القوية التي رأيتها من بعض رجال الأمن معهم.
ففي اثناء سعينا بين الصفا والمروه وقف ثلاث من المعتمرين الاسيوين بالقرب من جبل المروه وبدأوا بالصلاه فتقدم لهم رجل الأمن ومنع اثنان منهم قبل بدايتهم اما الثالث فسبقهم و بدأ صلاته ورفض الانصياع لكلمة رجل الأمن وقرر حينها رجل الامن التدخل بطريقته فقام بسحب الرجل من الاحرام الذي يرتديه ودفعه بكل قوة حتى سقط على الأرض وللأسف الشديد فالرجل الذي تم رميه طاعن في السن ويبدو أنه وصل الى الحرم بعد عناء ومشقة حيث كانت هيئته واحرامه المهترء يدل على ذلك ولولا لطف الله لتعرض لإصابات بالغة.
وللاسف الشديد لم يفكر رجل الأمن الشاب في الاعتذار للرجل بل لم يلتفت له نهائيا بل انصرف عنه وتركه على الأرض وهو يحاول النهوض مستعينا ببعض أخوانه المعتمرين الذين تعاطفوا معه وانزعجوا من هذا التصرف .
هذا المشهد اعطى المعتمرين الذي رأوا تصرف رجل الأمن فكره غير جيده عن رجال الأمن في الحرم لأنهم بكل تأكيد كانوا يرون ويسمعون بما يقوم به رجال الأمن من خدمة مخلصه لحجاج بيت الله والمعتمرين وتعامل كله لين ورحمه ولم يتوقعون هذا التصرف وخاصة من كانت هذه الزيارة هي الاولى لهم لبيت الله وسمعت العديد منهم يتحدثون بغضب وضيق عن هذا التصرف وغيره من تصرفات غير محببه من رجال الأمن وخاصة الشباب منهم .
نحن نعلم أن رجال الأمن بشر وقد يتأثرون بالظروف المحيطه بها والتي قد تفاجئهم وقد يغضبون لعدم اتباع اوامرهم التي هي في الصالح العام بكل تأكيد ولكن ما أنا متأكد منه أنهم تلقوا ما يكفي من التدريب للعمل في مختلف الظروف والتعرض لأقسى واشد درجات الضغط النفسي والبدني وخاصة اولئك الذين يعملون في المشاعر المقدسه ويحتكون بشكل مباشر مع الملايين من الحجاج فسيكون لديهم بكل تأكيد القدر الكافي من الدرايه و الذكاء في التعامل مع هذا الكم الهائل من البشر الذين اتوا من بيئات وبلدان مختلفه ولهم أفكار متنوعه قد يكون أغلبها مغلف بالجهل وعدم الوعي بالتعاليم الدينية الصحيحة .
وقد يكون هذا التصرف فردي وشخصي وبكل تأكيد لن نقوم بتعميمه على أفراد الأمن الأخرين لأنني كما قلت فالمملكة وجهاتها الأمنية يبذلون جهودا جبارة منذ سنين في الحفاظ على المقدسات وأمنها وأمن زائريها وحتى نكون منصفين يجب أن نلقي ببعض من اللوم على المسؤولين عن حملات الحج والعمره وعن المسؤولين عن الشؤون الاسلامية في دول الحجاج والمعتمرين القادمين الى بلاد الحرمين لأنه تقع على عاتقهم مسؤوليه توعيه ضيوف الرحمن وتوضيح العديد من الأمور لهم وخاصة تلك التي امتزجت واختلطت بالبدع وبعض الأفكار الضالة التي وللأسف الشديد تمارس من قبل الكثيرين بل إن الأغلب يرفض ان يتم توجيهه وارشاده الى الأمور الصحيحه بسبب تصديقه وثقته العمياء بالمصدر الذي استسقى منه هذه المعلومات المغلوطة .
أما الأمر المزعج الأخر وقد أكون مخطئ بعض الشيء فيه ولكن بسبب حبي للمملكة العربية السعودية وحبي لكل مسلم وجب ذكري لهذا الامر وبسبب رؤيتي لتكرار هذا الأمر بشكل يومي وخاصة في الطواف وعند تقببيل الحجر الاسود وهو التدافع والتقاتل والتنافس في القيام ببعض الأركان والواجبات وأركز هنا على ما يحدث عند تقبيل الحجر الأسود فقد رأيت أمورا لا تصح أن تحصل في أي مكان عادي فكيف ببيت الله وقبلة المسلمين ومنها اختلاط الرجال والنساء وتدافعهم بشكل كبير للوصول الى الحجر وهذا التدافع يحدث فيه ما يحدث من تلامس لا يجوز وحالات إعياء وارهاق للنساء بسبب قيام بعضهن بالسعي بقوة للوصول للحجر الاسود مهما كان الثمن وهذا أمر خاطئ فالمراه لا تستطيع أن تتغلب على الرجل مهما حاولت ذلك وهي لا تملك قوة التحمل والقوة البدنية التي يمتلكها الرجل لذا فدخولها بين الرجال يسبب لها الكثير من الامور والمواقف المحرجه والمستغرب هنا هو عدم تدخل رجال الامن والمشايخ الذين كانوا ينبهون وينصحون ويرشدون ولا اعلم ما سبب ذلك هو بس تمللهم من عدم استماع الناس وقيامهم بما يريدونه حتى ولو كان خاطئا أم انها تعليمات جاءت لهم .
أنا لا أشكك بالدور المهم لرجال الأمن والمشايخ أو طلاب العلم الموجودين في الحرم ولكني استغرب من ضعف دورهم المهم الذي كان بارزا بشكل واضح وكان لهم الفضل بعد الله وقيادة المملكة في الحفاظ على النظام المسجد الحرام وتنظيم كل مكان فيه بطريقة تجعل جميع المعتمرين يقومون بمناسكهم بكل انسيابيه وراحه فقد تكون التوسعات التي طرأت على الحرم لعبت دورا في ذلك أو قد تكون زيادة اعداد المعتمرين الذين يتوافدون إلى الحرم بأعداد كبيره جدا تفوق العدد الذي كان يحضر الى الحرم سابقا .
ومهما كان السبب فيجب أن يبقى النظام في بيت الله الحرام في بلده الحرام كما عندها بل نتمنى أن يصبح أفضل وأفضل لأن هذا ما يجب في مقدساتنا التي لم يبقى منها الكثير خاصة في ظل احتلال المسجد الأقصى المبارك من الصهاينه المعتدين الذي طال أمده وازدادت التجاوزات عليه .
وختاما نسأل الله ان يحفظ المملكة العربية السعودية وأن يحمي مقدسات المسلمين وأن يعيد المسجد الأقصى إلى المسلمين ويطهره من نجس الصهاينه ويجعله شامخا ابيا خاليا من كل ما يعكر صفو أجوائه وأن يؤلف بين قلوب أخواننا الفلسطينين ويجعلهم على قلب رجل واحد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا