
مجلس شورى مشرف ؟ ولكن هل توجد نتائج
لفت انتباهي يوم أمس تسجيل لجلسة في مجلس الشورى العماني حيث كانت الجلسه مخصصه لمناقشة المشاكل والاقتراحات والملاحطات الخاصة بوزارة النقل والاتصالات العمانية وهي وزارة مؤثره جدا في السلطنه لأنها تختص بالبنية التحتيه وقطاع الاتصالات الذي يشمل الانترنت وغيرها من الأمور المتعلقه بالتقنيات الحديثه .
كانت الجلسه ساخنه جدا وخاصة من أعضاء المجلس الذين ابدعوا في الحوار بشكل رائع حيث كانت هنالك شفافيه كبيره في الانتقاد والسؤال وانتظار الرد والتعقيب عليه من دون اي مجامله أو نفاق أو مقاطعه أو حجب لسؤال أو تخطيه وكان الأعضاء يتحدثون بلسان المواطنين ويقدمون معاناتهم على أي أمر أخر وهذا ما يجب أن يكون عليه أي عضو ينتخبه الناس لتمثيلهم في مجالس الدولة والبرلمانات .
وكان وزير النقل يحاول الرد على ما يصله منه اسئله ورغم اجادته في الردود ولكن لم تكن ردوده شافيه ووافيه لدى الأعضاء بسبب عمق الجرح الذي تطرقوا له في المجلس وأنا لا ألقي كل اللوم على وزير النقل الحالي لأنه استلم الوزاره من سلفه كما سمعت أحد الأعضاء يقول وعليها الكثير من الملاحظات والانتقادات بالاضافة الى العديد من الوعود بالإنجازو المشاريع والخطط التي لم يتم استكمالها أو البدء فيها رغم صرف ميزانياتها ومناقصاتها ولذلك فالوزير الحالي سيلام وينتقد في الأمور التي أمر بالقيام بها في فترة توليه منصبه كوزير للنقل وسيطلب منه السعي لحل الأمور المتعلقه التي لم يتمها سلفه .
وأظهرت تلك الملاحظات الشرخ الكبير الذي تمر به بلداننا العربيه بشكل عام فعمان ليست استثناء وليست هي الدولة الوحيدة التي تحتاج الى عمل كبير وجهد من أجل إصلاح ما فسد فيها في كل المجالات على أيدي من تولوا دفة القيادة في السنوات الماضية ويجب أن يتشارك كل أفراد الشعب في هذا لأن القاء العمل على مجموعه معينه من دون دعمهم أو توجيههم أو محاسبتهم إن تطلب ذلك أوالأخذ بيدهم يأخذ الأمور الى ما لا يحمد عقباه وسيزيد من المعاناة التي يمر بها البلد .
فالإنسان إن تم تسليمه الخيط والمخيط كما يقال سيكون على إحدى هاتين الحالتين :
*إما أن يحسن ويقوم بواجبه على أتم وجه ويخلص في عمله ويعطي كل ما يستطيعه من أجل وطنه وناسه الذين انتخبوه ووثقوا به لأنه يراقب الله ويخشاه ولديه ضمير حي ووزاع ديني يدفعه الى الانجاز بإخلاص وهذا النوع ولنكن صريحين وواضحين نوع نادر جدا في وقتنا الحالي وفي بلداننا المسلمه ولكنه ليس معدوما .
*وأما أن يتقاعس عن الانجاز ويفكر في نفسه وجماعته ويبدأ بتكوين ثروة وجمع ما يستطيع جمعه من أموال قبل أن يأتي اليوم الذي يترك فيه هذا المنصب ويقرب من يهمه أمره ويجعل لنفسه وأحبائه نصيب الأسد في كل مناقصه ومشروع وكأن هذه الدولة ورث ناله من والده ويحق له التصرف فيه كيفما شاء ويبعد الكفاءات والناس الذين لديهم حب وغيره على وطنهم ويستطيعون الانجاز والتطوير ويملكون أفكارا ترتقي بوطنهم وترفع من مرتبته بين الدول .
ومما أعجبني في جلسة مجلس الشورى العماني هو ذكر الأعضاء لأشخاص قاموا بتوصيتهم على ذكر بعض النقاط والتطرق لها وهذا جزء يسير من رد الجميل يقوم به العضو المنتخب لمن انتخبوه لأن المنتخبين عندما يضعون ثقتهم في شخص يريدون منه أن يوصل صوتهم وملاحظاتهم التي تكون أغلبها متعلقه بحياتهم واحتياجاتهم الأساسية ووطنهم الذين يحلمون أن يروه منافسا لكل الدول في الخدمات التي يقدمها وذكر الفضل لأهل الفضل عليك أمر محمود ومستحب ويجعل المصداقية هي السائده في التعامل بين الاشخاص .
البث المباشر للجلسة و الشدة في النقاش والتنوع في الطرح والاستماع لكل عضو والسماح له بأخذ وقته في الحديث والسهام الكثيره التي تم توجيهها تجاه وزير النقل أمر صحي جدا يستحق الثناء والذكر والاشادة وهذا ما يجب أن تكون عليه جلسات الشورى والمجالس الحكومية فيها الوضوح والشفافيه والتفاعل الجميل بين الاشخاص وعدم اخفاء الحقائق فإن كان هناك احسان يجب ذكره وان كانت هنالك اساءة يجب توضيحها والاعتراف بها وهذا هو سر النجاح .
وكل ما أتمناه أن تكون تلك الانتقادات والملاحظات مستمره وأن لا تكون سحابة صيف عابره تنتهي بإنتهاء المجلس ولا يتم اتخاذ اي اجراء بخصوصها لأن الوضع سيكون محبطا ومدمرا للشعب الذي ينتظر ويعاني معاناة كبيره لن يشعر بها إلا من عاشها واكتوى بنارها وسيعود التشكيك في مجلس الشورى كما هو حاصل في البرلمانات والمجالس النيابية ومجالس الشورى في أغلب دولنا العربية وهذا أمر واضح والكل على علم ودراية به وحتى الأعضاء نفسهم يعلمون أنه بعد انقضاء جلساتهم واجتماعاتهم تركن تلك الملفات على الأرفف ولا يتم اتخاذ اي اجراء فيها .
وتخيلوا معي أن نرى كل جلسة للحكومة في الدول العربية والاسلامية وفيها صراحة وشفافيه وتناقش فيها هموم الوطن والمواطن ويتم وضع الحلول لها وتتابع بشكل مباشر في كل جلسة تعقد ويتم الوقوف على أخر المراحل التي وصلت إليها ونرى الكل يعمل وينجز ويتابع ما أنجزه ويحاسب المقصر على تقصيره عندها لن نحتاج الى الانتقادات واللوم أو إلى الاستماع الى شكاوى في بث مباشر عبر المذياع أو التلفاز أو الى برنامج مثل برنامج غيث والبرامج الانسانية التي تهتم بحال الإنسان وتبحث للمحتاجين عن نافذة أمل يتنفسون منها هواءا نقيا نظيفا.
لأنه حينها سيخجل هؤلاء النخبه من التقصير والتقاعس عن الانجاز واسعاد الناس الذين يتأملون ان يحصلوا على ما يرضيهم من خدمات في بلدهم خاصة إن كان هذا البلد غني وفيه الكثير من الخيرات والثروات .
ومن الملاحظات التي نمت الى ذهني هو تعود الإهمال عند أصحاب القرار الذين يدخلون الى مناصبهم بكل حماس وقوة ويطلقون الوعود ويعيدون الأمل للناس لبعض الوقت ويجعلونهم ينتظرون التغيير القريب في الواقع الذي يعيشونه ولكن ما أن تمر فترة من الزمن على هؤلاء في مناصبهم تجد توهجهم يخفت وتنطفي نار حماسهم ونشاطهم ويتراجعون رويدا رويدا عن وعودهم ولا يبقى لهم سوى اللقب الذي يحملونه ولكن من دون أثر أو جدوى أو اي منفعه .
وانا اعزو هذا التغير والانقلاب في حال هؤلاء المسؤولين إلى البيئة التي تسود وزاراتهم ومؤسساتهم لأنه الطاقم الموجود الذي قدم إليه هو نفس الطاقم الذي عاصر المدير الذي قبله وتشرب أفكاره وعاش أجواء العمل الخاص به فإن كان ذلك المدير أو الرئيس عود أفراده على التسيب والإهمال والتلاعب في العمل سيستمر هؤلاء في نفس النظام مع المدير الجديد حتى وإن حاول ان يغير وينظف ويفرض سيطرته ستجده يحارب وتضع فيه طريقة العراقيل وتقوم أحزاب وجماعات وعصابات ضده وسيقع عليه ضغط كبير يجعله في حيره من أمره أما بالتنازل عما يريد فعله أو الاستمرار بخطط التغيير والتنظيف مهما كانت النتيجة وهنا يتوقف الأمر على الشخصية التي توجد عند هذا المدير ومدى تقديره للأمور والرغبة التي توجد بداخله ومدى صدقه وقبل ذلك كله خشيته من الله تعالى .
بصمة ولي الأمر
كل الحرية والانطلاق الذي كان عند الاعضاء في طرح الأسئله والحوار مع الوزير الموقر كان نتاجا للتعليمات السامية لحاكم البلاد وسلطانها الذي بكل تأكيد سيكون هو الذي وجه اعضاء مجلس الشورى ورئيسه الى الاهتمام بمصالح الناس وتناولها في اجتماعات المجلس والاسراع في الحصول على النتائج ومحاسبة المقصر في تعطيل مصالح الشعب ولولا الدعم من ولي الأمر لما استطاع هؤلاء من الوقوف في المجلس والحديث بكل حرية وقوة من دون خوف أو تردد لأنه ومن خلال متابعتي لشؤون الدول العربية لاحظت أن أي شخص يصدح بالحق ويحاول الانتفاض على الفساد وتغيير الواقع ولو بالكلمة يحارب وينفى ويطرد من الحكومة ويسجن أيضا وحصل ذلك لبعض الأعضاء في عمان ويعتبرهم الشعب من خيرة أبنائه وأكثرهم خشية لله وحرصا على الوطن وأعيد وأكرر عمان ليست استنثناء فكل بلادنا العربية فيها مثل هذه العينات الوفيه.
هذا غيظ من فيض فيما يتعلق بالإدارات والحكومات التي تحتاج الى دراسات متوسعه من أجل وضع النقاط على بعض حروفها الكثيره والتطرق لأسرارها التي لا تنتهي نسأل الله أن يصلح كل من تولى أمرا ومسؤولية في بلده ويجعل منه ساعيا للخير نابذا للشر مؤثرا في قراراته ومتابعا لها ومنفذا لها من دون تهاون أو تخاذل واسأله أن يجعل بلداننا في مقدمة الدول من حيث النزاهة والأمان واتقان العمل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا