.jpg)
فاجعه بكل ما تحويه الكلمة من معنى أعقبت الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا وامتد تأثيره لبعض مناطق العراق ومصر والأردن ولو بشكل أقل قوة وتأثير ولكن المسلم دائما يرى كل تلك الابتلاءات والفجائع هي اختبار من رب العالمين وخلفها أجر ومثوبة عظيمة أو أنها عقوبة لأمور تتوجب التراجع عنها ومحاسبة النفس وايقافها عن غيها والتمادي الذي قامت به وفي الحالتين هنالك أمر مشترك لا يشعر به أو يقوم به سوى المؤمن الحق وهو الصبر والاحتساب .
ولقد رأى العالم بأسره تلك المناظر المؤلمة والأهوال العظيمة التي حلت بإخواننا في سوريا ومناظر الأطفال وهم تحت الأنقاض يصارعون من أجل البقاء في هذه الحياة وانتشرت المقاطع التي تروي معاناتهم كانتشار النار بالهشيم ولكن هنالك أمر لم يلحظه الا البعض منا وهو أمر مهم يعادل أهمية الحدث الكبير الذي وقع على الناس في تركيا وسوريا .
ذلك الأمر هو الإيمان والتسليم والرضى بما قضاه الله تعالى وأوجب وقوعه من بعض الناس حيث كانت ردود أفعالهم تمثل الصبر والاحتساب والايمان في أقوى لحظاته وأسمى صورة فكم هو عظيم ذلك الأب الذي ثبت أمام الكاميرات وأمام من حوله من أشخاص وقال بصوت المؤمن الواثق من حكمة ربه وعدالته تقبل ابنائي ياالله واجعلهم شفعاء لي يوم القيامة والهمنا جميعا الصبر والسلوان واربط على قلوبنا يارب ولم يذرف أي دمعة قناعة منه أن لله ما أعطى ولله ما أخذ .
وكم هي عظيمة تلك الأم التي انتظرت انقاذها هي وابنائها من تحت الأنقاض وبعد خروجها سالمة وفقدانها أحد أبنائها سجدت شكرا لله تعالى وهي تردد اللهم اغفر لنا ذنوبنا واجعل مصابنا هذا تكفيرا لنا عن كل ما ارتكبناه من خطأ اعتقادا منها أن ما حدث هو بسبب الذنوب التي تكاثرت والتجاوزات والخطايا .
ولن أنسى المقطع الذي خرج فيه ذلك الشخص وهو يشكي لربه رحيل اسرته كامله التي كانت قبل ساعات مجتمعه في مكان واحد واقصد بأسرته أبيه وأمه واخوانه وأبنائه الذين قضوا جميعهم بسبب الانهيارات العظيمة التي حدثت ولكن هذا الشخص رغم فاجعته الكبيرة وانهمار دموعه حرقة وحزنا على هذا الفقدان العظيم الا انه كان يقول اللهم اجمعني بهم في جنات الخلد يارب العالمين واربط على قلبي لحين لقائي بهم .
تلك الكلمات الرائعة وهذه المواقف العظيمة تكررت أكثر من مرة عند الكثير ممن فقدوا أحبائهم في سوريا وغيرها من بلاد المسلمين ولكن الاعلام بكل ادواته لم ينقل لنا صور ومقاطع أولئك المحتسبين والصابرين بسبب تركيزه على الدمار والقتل والهرج الذي انتشر في اخر الزمان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج. قالوا: وما الهرج يا رسول الله؟ قال: القتل القتل" وذلك بسبب التهافت على النقل والحصرية التي اشغلت وسائل الاعلام واصابتهم بالهوس ولو أن فيهم عاقل وصاحب اهداف وغايات انسانية لوجد في صبر المتضررين واحتمالهم مادة دسمة تستحق النشر .
قد تظهر لنا بعض المواقف والمقاطع التي تنشر كمية هائلة من النحيب والصراخ والألم بسبب الفقد ولكن هنالك أمر مهم وهو أن هذا النحيب والصراخ ممزوج برجاء وأمل كبير لله تعالى كما ذكرناه سابقا في تلك الصور التي تطرقنا لها فكل من يتألمون ينادون الخالق العظيم ويسألونه الرأفة بهم والتهوين عليهم وقليلين منهم من يسخطون ويعاتبون ويلومون تلك هي حلاوة الايمان التي تداعب القلوب وتسري بها وتجعل من المصائب والمحن رغم صعوبتها أمر يمكن التعايش معه لأن تلك النفوس امتلئت تصديقا وايمانا بأن كل من على هذه الأرض مصيره الذهاب عنها ولن يبقى سوى وجهه سبحانه وان ما اصابك لم يكن ليخطأك ولنا في الناجين والقتلى في زلزال سوريا وتركيا خير دليل .
فالكثير ممن توفوا بسبب الزلزال نجوا سابقا من الاحداث والاضطرابات التي عصفت بسوريا ولكن إرادة الله وتقديره قضت بأن يكونوا من الموتى وكثير ممن نجوا اليوم مرت عليهم لحظات كانوا ينتظرون خروج ارواحهم من اجسادها ولكن المولى عزوجل طال في اعمارهم واعطاهم فرصة جديدة للعيش بسبب عدم حلول اجلهم حتى الان نسأل الله ان يرحم من توفي من أخواننا في سوريا وتركيا وكل بلدان المسلمين وان يشفى مرضانا ومرضى المسلمين ويعافينا ويعافيهم من كل بلاء وسوء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا