الصفحات

الثلاثاء، 31 يناير 2023

تهريج ثم شهره والمحصلة لا شيء

 

bekl-sarahah

تهريج ثم شهره والمحصلة لا شيء 


خفة الدم والعفوية بحدود واستخدام الطرفة في جذب الناس والاقتراب منهم وبطريقة لا تسبب أي زعل أو احراج أمر مستحب وجميل هو ذلك الشخص الذي يخالط الناس ويعاشرهم بكل حب واحترام ومن غير غايات وأهداف وأطماع فتراه يفقد اذا غاب عن مجلس ويذكر اذا جاءت سيرة أصحاب القلوب النقية والجلسات المؤنسة والاحاديث الشيقة أما التصنع وثقل الدم واهانة الناس  واستغلال إمكانية تسخير الكلمات أو سرعة البديهة في السخرية من بعض الأمور التي توجد عند هذا الشخص او ذاك اعتقادا بأن  ذلك سيجعلني  محبوبا ولي قابليه بين الناس فهذا أمر غير مقبول وغير مستساغ وسيجعلني مكروها ومنبوذا .


وقد يزيد الأمور سوءا وقبحا اذا وصل الأمر الى التكسب بالسخرية من الناس والتهريج بطريقة لا تليق وقد تتسبب في اثارة فتن أو افزاع قلب أو حتى إصابة شخص حتى ان كان الأمر من غير قصد لأن المتعارف عليه أن الفكاهة والطرائف والمقالب الطريقة التي تدخل البهجة على القلوب لا تتسبب بأي أمر من التي ذلك سابقا فالطرفة والفكاهة تعني الضحك والابتسامة وامتلئ القلب لفترة بالبهجة والسرور وليس بالغضب أو الحزن أو الخوف . 


وللأسف الشديد أصبحت النوادر والطرائف في وقتنا الحالي مصطنعة ولم تعد تضحك أي شخص ولم تعد ترسم البسمة على الشفاه والأسباب ان اغلب تلك الأمور التي يفترض أن ترسم البسمة وتسعد القلوب ليست سوى اتفاقات مسبقه بين مجموعه من الأشخاص أو أن الفكرة المبنية عليها المزحة لا تصلح ولا ترتقي ان تكون طرفه أو مزحة من الأساس وأهم سبب هو انعدام العفوية في كل شيء بسبب ما قلناه سابقا وهو نقطة الاتفاق على المشهد أو الموقف فكل شيء عفوي جميل ومختلف وفيه لمسه رائعة تكون من الشخص نفسه من دون أي تعليمات أو توجيهات وتأتي ردة الفعل العفوية أيضا لتكمل المشهد الفكاهي المميز.


ومن الأمور التي أصبحت مزعجة منذ بدأ استخدام وسائل التواصل الاجتماعي هي الحسابات التي يعتبر أصحابها أنهم من أصحاب الطرائف والمزحة وهم بعيدين كل البعد عن ذلك لأن اغلبهم مهرجين وغير مدركين للمعنى الحقيقي الذي تعنيه الطرفة والمزحة وكم من مواقف قام بها هؤلاء كانت لها نتائج كارثيه وتسببت في وقوع الأذى عليهم أولا ومن ثم على الضحية التي كانوا يستهدفونها.


وبسبب تنوع الاذواق أو ترديها أصبح لهؤلاء الملايين من المتابعين والمعجبين والداعمين بالمال والوقت والتسويق والاعلان والكثير من الطرق والوسائل أما العقلاء وأصحاب الحس السليم فإنهم ينزعجون من تلك التصرفات ويرون أنها عباره عن سخافات وتصرفات صبيانية لا تجوز لمن هم في مثل سن هؤلاء المهرجين وبكل أمانه هنالك أشخاص ما زالوا يمتازون بخفة الدم ولهم  قبولهم ولكن بسبب امتلاء الساحة بالسخيفين والسخيفات  لم يعد للفكاهة الحقيقة مكان بارز للظهور والتألق بل انها أصبحت تحارب حتى تواكب الوضع السائد وتتوجه الى نفس التوجه الذي اتخذه هؤلاء .


وقد تغيرت الفكاهة مع مرور الزمان ففي السابق كانت الطرف والمواقف الفكاهية فيها حكمة مع الضحكة والكثير من الدروس والعبر المستفادة أما اليوم فهي تهريج في تهريج في انحطاط وقلة أدب ولا ندري ما الأسباب هل لأن هذا هو النظام المتداول والذي تسير عليه أغلب الأمور في هذا الزمن ؟ أم أنه لم يعد هنالك نوادر وطرف تذكر مثلما كانت في ذلك الوقت  الذي تم تأليف كتب ومجلدات لهذا العرض وتم تمثيل تلك بعض مما حوته تلك المجلدات والكتب وعرضت على الناس ولاقت استحسانا منهم واشادة ؟ وهل بسبب الظروف التي تمر علينا والأوضاع التي تعيشها أغلب بلادنا لم تعد هنالك ابتسامة وضحكة وفكاهة كما كانت سابقا ؟ 



نحن لسنا ضد الضحك والابتسامة ولكن بضوابط وشروط لا يوجد فيها تجاوز أو تعدي أو انتقاص من فرد أو دولة أو مجتمع أو دين وملة أو مذهب مع مراعاة الطريقة والأسلوب وانتقاء المفردات ومراعاة مشاعر الناس والظروف التي يمرون فيها وها قد اقترب شهر الخير شهر رمضان وستنشط المسلسلات والبرامج بكل أنواعها الفكاهية والدرامية والبكائية والتاريخية وغيرها وسيكون بكل تأكيد للتهريج النصيب الكبير وللأسف فالتهريج ارتبط بالعري والأغاني  في برامج ومسلسلات رمضان التي يفترض ان تكون نقية من كل ذلك.


 ولدي اقتراح للقائمين على الاعمال الرمضانية طالما أنكم مصممون على ان تعرضوا علينا في شهرنا الفضيل أقبح ما يتم انتقائه اقترح عليكم  أن  تبحثوا في الكتب والمجلدات  القديمة التي تعنى بالفكاهة أو الأدب الفكاهي وكتبها من عرفوا بهذا اللون من الأدب واشتهروا به وتختارون بعض منها بعض الصفحات التي يوجد فيها مواقف فكاهية لقضاه وبياعون واشخاص عاديين وتعرضونها بأسلوبكم وطريقتكم التي ترون أنها الأفضل بدلا مما يتم عرضه وهو لا يرتبط بالفكاهة والطرفة نهائيا وقد سبق أن تم صناعة أعمال فكاهيه مقتبسه من تلك الكتب والمجلدات ومازالت إلى يومنا تتمتع بـألقها وسحرها ولكن للأسف الشديد لا تعرضها إلا بعض القنوات الفضائية لأن الأغلب مهتم بالتفاهات والأعمال المشينة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقاتكم وملاحظاتكم تسرنا